الاثنين، 17 يناير 2011

بيان لرابطة علماء أهل السنة يدين حادث كنيسة القديسين




 


كتب: لؤي علي- اليوم السابع | الاثنين ١٧ يناير ٢٠١١ - ٠٨: ٥٢ ص +01:00 CET





أرسلت رابطة علماء أهل السنة لـ"اليوم السابع" بياناً يدين حادث كنيسة القديسين بالإسكندرية.

وقال د. صفوت حجازى، أمين عام الرابطة، عن الحادث: "مرتكبو حادث القديسين ليسوا بمسلمين ولا مصريين"، ومن عرف مصر وشعب مصر لا يتصور أبدا أن يقوم مصرى بهذه العملية البشعة التى حدثت فى الإسكندرية, من عاش على أرض مصر وبين المصريين لا يصدق أن هناك مصرياً يمكن أن يفجر نفسه فى وسط المصريين. لا لم يفعل هذه الفعلة مصرى أبدا.. فعلم النفس الإجرامى أو الجنائى كما يسمونه يقول: إن طبيعة الجريمة وطريقة تنفيذها تتفق مع طبيعة الشعوب, والعالِم بطبيعة شعب مصر وطبيعة المصريين يجزم بأن منفذ جريمة كنيسة القديسين ليس من شعب مصر الطيب, ولا من هذه الأرض الطيبة.

لا أتكلم بلسان الشيخ العالم الداعية المسلم, ولكن أتكلم بلسان المصرى الفصيح الذى يحب هذه الأرض وهذا الوطن, أتكلم بلسان يحركه قلبٌ يبكى على وطنٍ ينهش الأعداء عرضه وشرفه, أتكلم بعقل مصرى يدرك أن الأعداء يخططون للتخلص من هذا الوطن المستكين من سنين, ويخشون استيقاظه الذى إن حدث سيغير الكثير والكثير فى هذا العالم.

وأضاف قائلا: نحن شعب مصر مسلمون ونصارى متعلمون وأميون, صناع وزراع وتجار, نحن شعب مصر رجال ونساء, شباب وعجائز, من آلاف السنين ونحن على قلب رجل واحد, لنا حاكم واحد فرعون كان أو نبى.

لماذا اليوم تحولنا إلى شعبين؟ شعب المسجد وشعب الكنيسة, شعب المصحف وشعب الإنجيل, شعب مسلم وشعب قبطى، لماذا تحولنا؟ هل من مجيب؟. لم تعجبنى لغة الخطاب الإعلامى والسياسى، لم تعجبنى لغة الشيوخ والقساوسة فى تناولهم لجريمة كنيسة القديسين. ليست فتنة طائفية أيها الناس، ليس عملاً إجرامياً بين مسلمين ومسيحيين، إنما هو إرهاب ضد مصر كل مصر, ضد شعب مصر كل شعب مصر. إرهاب عالمى, ليس محلى الصنع, وليس ناتجا عن انتقام بين مسلمين ومسيحيين.

إرهاب دولى لإرهاب مصر, لتفتيت مصر, لدق إسفين الانقسام فى مصر, بل لجعله أمرا واقعا, مقدمة لتكريس حق تقرير مصير على أرض مصر, بين جنسيتين قبطية مسيحية وعربية مسلمة. أسأل الله ألا يحدث ذلك, وإن كان سيحدث أسأل الله أن يقبضنى إليه قبطى الجنسية، مسلم الديانة, مصرى الهوى.

القتلى مصريون, والمصابون مصريون, الانفجار حدث أمام المسجد وأمام الكنيسة, هل يصح أن أقدم واجب العزاء لنفسى فى قتيلى, لم يعجبنى عزاء شيخ الأزهر للبابا شنودة, لا تتعجبوا ولا تتعجلوا وأجيبونى: هل الأخ يعزى أخاه فى وفاة والدهما؟ هل الأب يعزى الابن فى وفاة الابن الآخر؟ هل الأب يعزى الأم فى وفاة ولدهما؟ هؤلاء الضحايا هم أبناء مصر, إخوة مصر, أباء وأمهات وأخوات مصر, فلماذا نقدم واجب العزاء فى أنفسنا لأنفسنا؟ لماذا جعلنا على أرض مصر شعبين بدينين بقيادتين, وأخشى أن يكون قريبا بجيشين.

لماذا جعلناها جريمة مقصود بها نصارى مصر, لماذا جعلنا النصارى هم المضطهدون, هم الضعفاء, هم الضحايا؟ كلنا مقصود كلنا مضطهدون كلنا ضعفاء: مسلمون ومسيحيون. لماذا يتظاهر النصارى ولا يتظاهر المسلمون؟ ضد من نتظاهر؟ ضد بعضنا البعض، الفجيعة واحدة, والمصاب واحد, ونحن المصريون المستهدفون.

حدثنى مسلم: كان لى أساتذة فى المدرسة وفى الجامعة مسيحيون ومسيحيات هل أقتلهم؟ كان نائب قائد كتيبتى فى الجيش ورئيس العمليات مسيحيا, وكنت أقف خدمة بالليل على باب استراحته وهو نائم أحرسه وأدافع عنه إن أراده أحد بسوء, ومعى سلاحى أحمى به وطنى وأحمى به قائدى المسيحى هل أنا آثم؟ لا لست آثما ولست مخطئا بل الإثم والخطيئة ألا تؤدى لهم واجب الاحترام والتقدير والحماية.

وحدثنى مسيحى: أنا ضابط فى الجيش أرفع يدى بالتحية العسكرية للمسلم الأعلى منى رتبة, ويرفع الضابط المسلم الأصغر منى رتبة يده بالتحية العسكرية لى، وأخى طبيب تخدير ويعمل مع جراح مسلم وبين أيدينا مريض لا يهمنا إن كان مسلما أو مسيحيا, لا يهمنا إلا أن يتم الله له الشفاء على أيدينا نحن الاثنين.

هكذا شعب مصر.. وجوهنا واحدة, ألواننا واحدة, لغتنا واحدة, حتى همومنا واحدة، لا تعرف المسلم من المسيحى إلا عند الصلاة, عند المسجد أو عند الكنيسة.

دعونى أذكركم بعملية سوزانا.. الكثير يسأل من سوزانا؟ فضيحة لافون، أظن تذكرونها, عملية سوزانا أو فضيحة لافون حدثت فى الإسكندرية فى شهر يوليو 1954 فى نفس مدينة الإسكندرية التى حدثت فيها جريمة كنيسة القديسين.

فى هذا التاريخ انفجرت ثلاثة طرود فى مركز البريد الرئيسى بالإسكندرية, وفى يوم 14 يوليو من نفس العام 1954 وفى نفس المدينة الإسكندرية انفجرت قنبلة فى المركز الثقافى الأمريكى, وعند سينما ريو بالإسكندرية فوجئ المارة باشتعال النار فى ثياب أحد المارين, فسارع الناس إلى هذا الشاب التى اشتعلت النار فى ثيابه وأنقذوه بطيبة قلوب المصريين المعتادة, وشاء الله أن يكون من بين المارة الذين أنقذوا الشاب من حريق ثيابه شرطيا, اصطحبه إلى المستشفى لإسعافه ومعالجة الحروق التى فى يده, وفى المستشفى اكتشف الأطباء أن جسم الشاب ملطخ بمسحوق فضى لامع, وفى جيب الشاب وفى محفظته كمية من نفس المسحوق, وقرر الأطباء أن الاشتعال نتج عن تفاعل كيميائى, وتم اعتقال الشاب وكان اسمه فيليب ناتاسون يهودى الديانة وعمره 21 عاماً ومجهول الجنسية (لاحظوا مجهول الجنسية وليس مصريا) واعترف بأنه عضو فى منظمة إرهابية يهودية مكلفة بهذه العمليات فى مصر, وتم بناءً على اعترافات فيليب القبض على باقى أعضاء الخلية اليهودية، والتى كانت يشرف عليها مباشرة وزير الدفاع الإسرائيلى وقتها ديفيد لافون، وإليه نسبت العملية, وتمت محاكمة أعضاء الخلية, وحكم على اثنين منهم بالإعدام، وهم موسى ليتو مرزوق وصموئيل بخور عازار, ويوم تنفيذ الحكم اجتمع الكنيست الإسرائيلى ووقف الأعضاء حدادا على العميلين, وأعلن يومها الحداد الوطنى ونكست الأعلام .. فقط للتذكير.

أقول: من فعلوا هذه الجريمة ليسوا مصريين, وليسوا مسلمين, وليسوا مسيحيين، فمصر منهم براء والإسلام منهم براء. والمسيح منهم براء.

لا أصدق رواية الداخلية بأن انتحاريا فجر نفسه, ليس بين المسلمين المصريين من ينخدع بفتوى تفجير نفسه بين أبناء وطنه ويكون شهيدا, لا ليس بيننا هذا.

ولا يمكن أن يكون مسيحيا مصريا استمع إلى فتوى من قسيس متطرف بتفجير نفسه حتى يكون شهيدا ويحقق للكنيسة مكاسب ويؤكد للعالم أن المسيحيين مضطهدون فى مصر, لا ليس بيننا هذا.

أقول للداخلية: ابحثوا عن الأسباب الحقيقة, وعن طريقة التنفيذ الحقيقة, وعن الجانى الحقيقى.

أقول لبابا الفاتيكان بعد تصريحه بوجوب حماية المسيحيين فى مصر: لا شأن لك بنا، فالمسيحيون المصريون ليسوا من أتباعك, بل إن مذهبك يعتبرهم خارج الملكوت, أقول له: لا تشعل نارا فى وطننا، كان أولى بك يا بابا الفاتيكان أن تنادى بوجوب حماية المصريين.

وأقول لرئيسنا: يجب حماية المصريين، سيدى الرئيس مسلمين ومسيحيين, فالقتلى والمصابون بينهم مسلمون ومسيحيون, والرصاص لا يفرق بينهما, وسيادتك رئيسا للمسلمين وللمسيحيين.

صدق رسول الله المسيح عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام حينما قال: مبارك شعب مصر.. كل من هو من شعب مصر.

وصدق رسول الله محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام حينما قال: استوصوا بأهل مصر خيرا.. كل من هو من أهل مصر.






شىءٌ من الخيال لن يفسدَ العالم :مقاله لفاطمه ناعوت 
 


 
فى مقالى السابق، قلتُ إننى طوال الوقت أتخيّلُ نفسى مكان المسيحيين، فأحزن لأحزانهم، وأكتب. وهو ما أغضبَ بعضَ القراء مني، لدرجة أن أحدهم أرسل يقول لى: «توبى إلى الله!» كأنما وظيفة المسلم قهرُ المسيحى! ورغم كراهتى الكلمات التمييزية: مسيحى، مسلم، إلا أننى سأنزل على رغبتهم وأوجّه مقالى هذا للمسلمين فقط. المسيحيون يمتنعون. وهو على أية حال مقالٌ خيالىّ، طالما الخيالُ لا يُعاقِب عليه القانونُ (حتى الآن). تخيّلْ معى أن المعلّمَ سأل ابنك المسلم: «رايح فين؟« فأجاب: «حصة الدين يا أستاذ»، فيضحك المعلّم ويقول: «هو انتوا عندكو دين!» تخيل أن «يَشْرَق» ولدٌ فى الفصل، فيهرع إليه ابنك الطيبُ لينجده، فيصرخ فيه الشرقان: «لأ، ماما قالت لى مشربش من زمزمية مسلم، عشان همّا (...)« تخيّلْ أن تتصفّح منهج ابنك فتجده مشحونًا بآيات من الإنجيل، ولا وجود لآية قرآنية واحدة. تخيلْ أنك ضللتَ الطريق، وسألتَ أحدَ السابلة، فأجابك: «سيادتك ادخل شمال، حتلاقى (لا مؤاخذة) جامع، ادخل بعده يمين».
تخيلْ أن تكون نائمًا حاضنًا طفلتك، وفجأة تنتفض الصغيرةُ فى الفجر، لأن صوتًا خشنًا صرخ فى ميكروفون الكنيسة (والكنائس الكثيرة فى الحى): «خبزنا كفافَنا أعطنا اليوم. واغفرْ لنا ذنوبنا كما نغفرُ نحن أيضًا للمذنبين إلينا. ولا تُدخلنا فى تجربة. لكن نجِّنا من الشرير. لأن لك الملكَ والقوة والمجد إلى الأبد». فتسألك صغيرتُك ببراءة، وقد فارقها النوم: «بابا، ليه مش بيقولوا الكلام الجميل ده بصوت هادى، ليه بيصرخوا فى الميكروفون كده؟!» فتحارُ كيف تردُّ عليها، و قد علّمتَها بالأمس أن مناجاةَ الله لا تكون إلا همسًا، لأن الله يقرأ قلوبَنا، وإن صمتتْ ألسنتُنا، وأن الدعوةَ للصلاة، التى هى صِلة بالله «عيب» أن تكون بصوت مُنفِّر. لهذا اختار الرسولُ للأذان «بلالَ بن رباح» لصوته العذب. تخيلْ أن تحضر قدّاسًا فى كنيسة مع صديق لك، فتسمع الكاهنَ يقول: لا تصافح مسلمًا، فهو مُشرك، ولا تأكل عنده طعامًا، ولا تدع أطفالك يلعبون مع أطفاله». ماذا تفعل لو قُدِّر لك أن تعيش فى مجتمع كهذا؟
أعلم أنك تقول الآن: ما هذا التهريج؟ سؤالٌ لا إجابة عليه، لأنه جنون فى جنون. وأتفقُ معك فى رأيك، وأقرُّ بعبثية طرحى. ألم أقل منذ البدء إنه ضربٌ من الخيال؟ المسيحيون لا يفعلون ما سبق. نحن مَن نقول: مسيحى «بس» طيب، لا مؤاخذة كنيسة، عضمة زرقا، أربعة ريشة، مشركين، كفار...! إما مزاحًا عن دون قصد. أو عن قصد، متكئين على أكثريتنا مقابل أقليتهم! مطمئنين إلى مبدأ أساسى فى دينهم يقول: «أحبوا أعداءكم. باركوا لاعنيكم. أحسنوا إلى مبغضيكم.
وصلّوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم». أحببتُ اليومَ أن أضع تلك المواقف الشوهاء أمام عيوننا ليختبر كلٌّ منّا وقعها على نفسه لو حدثت معه. نحن الذين نصرخ فى الميكروفون «الله أكبر»، غير مراعين أن الله نفسَه يحبُّ أن يُنطق اسمه بهدوء لا بصراخ أجشّ. ونحن الذين يقول بعضُ مشايخنا فى خطبهم كلامًا مسيئًا لغير المسلمين، يملأ قلوب ضعاف العقل والإيمان بالحنق عليهم. بينما هم يقولون فى قداسهم: «نصلى لإخواننا أبناء مصرَ من غير المسيحيين»،
فهل تسمحون لى بأن أغار منهم؟ لأن كثيرًا منّا أخفق فى درس المحبة التى أتقنها معظمهم؟ لنكن أذكى من حكوماتنا، ونحن بالفعل أذكى، فإن كانت الحكومةُ تظلمنا جميعًا «معًا»، ثم تغازل الأكثريةَ بظلم الأقليّةِ، فهل نفعلُ مثلها؟ لكن مهلاً، منذ متى بدأنا نفعل هذا؟ منذ عقود قليلة، وهى فى عُرف التاريخ لمحةٌ خاطفة. حتى السبعينيات الماضية، قبل سموم الصحراء، كان سكانُ العمارة الواحدة بيوتهم مفتوحةٌ على بيوت بعضهم البعض، مسيحيين ومسلمين، فيذوب أطفالُ هؤلاء فى أطفالِ أولئك، وتشعُّ المحبةُ فى أركان الحىّ، فتبتسم السماءُ قائلة: هنا بشرٌ تعلّموا كيف يحبون الله.

تعليقى : لا تعليق .

مع تحياتى : الكاتب محب روفائيل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق