الثلاثاء، 11 مايو 2021

مراجعتي لكتاب سبع سنوات في بلاد المصريين للسفير الاسرائيلي موشيه ساسون

ملحوظة مبدئية: بينما اكتب هذه التدوينة توجد للاسف الشديد مظاهرات وكر وفر واشتباكات بين الفلسطينيين من جانب والجنود وبعض المستوطنين اليهود من جانب اخر في محيط المسجد الأقصى وفي بعض المناطق الأخرى بسبب النزاع على حي الشيخ جراح، أحب فقط أن أنوه أنه لابد من تقديس دم الانسان وألا يكون دم الخصم رخيصا عند خصمه، وأيضا أنوه بأنه لابد أن يأخذ كل ذي حق حقه بطريقة عادلة وسلمية وغير مهينة.

المؤلف: موشيه ساسون وهو ثاني سفير لاسرائيل في مصر.

منذ بضعة أشهر، اقترح علي أبانوب ابن خالتي قراءة هذا الكتاب، وارسل لي رابط تحميل نسخة الكترونية منه، سائلا عن رأيي في الكتاب بعد قراءته، وأنا بصراحة لا أعرف كيف يفكر أبانوب، بمعنى أني لا أعرف هل هو مؤيد للسلام العادل الشامل مثلي أم له رأي آخر. لكني بعد أن أنهيت قراءة الكتاب وبعد أن أخبرته أني أنهيته سألني عن أكثر الأشياء التي علقت في ذهني بعد قراءة هذا الكتاب، لذلك قررت أن أكتب هذه التدوينة ردا على طلبه.. وها هي بعض الأشياء التي علقت في ذهني بعد قراءته:

١- ابو سمير الاسكندراني صديقا للسفير الاسرائيلي:
حيث تم ذكره في كتاب سبع سنوات في بلاد المصريين من صفحة ٧٩ حتى صفحة ٨٧ يعني اكتر من ٨ صفحات.. وورد فيها ايضا ذكر لابنه سمير المغني المشهور.
يبدو ان قصة بطولة ابنه الذي أوقع بشبكة تجسس اسرائيلية لم تكن قد نشرت بعد لكن كانت قد حدثت بالفعل، ومع ذلك نجد الرجل يثمن من دور السلام المصري الاسرائيلي. وهذا يدل على عظمة المصري وحكمته وحبه للسلام، فلا أحد يفعل ما فعله فؤاد أبو سمير الاسكندراني الا ان كان رجلا عظيما فعلا، بالمناسبة بحثت كثيرا حتى اتأكد أن المدعو بابا فؤاد وابنه المطرب سمير اللذين ذكرهما السفير موشيه في كتابه هنا، هما المطرب المشهور سمير الاسكندراني ووالده رحمة الله عليهما.

٢- جيد ان عنوان الكتاب في الأصل كان هكذا، وإلا كان المترجم والناشرون اختاروا له عنوانا عقيما كما اعتدنا على كتب الاسرائيليين المترجمة الخاصة بالسير الذاتية والتي تعنون دائما وابدا باعترافات فلان او فلانة، وتقرأ الكتاب من أوله إلى آخره لتجد ان العنوان مضلل، والكتاب عبارة عن سيرة ذاتية عادية.

٣- أحزنتني كثيرا البيروقراطية المصرية والروتين الحكومي في أداء الأعمال، والكسل المصري الذي وصفه الكاتب في عدم قيام شركة المقاولون العرب بالمهام الموكلة اليها في احدى المزارع التي تكفل بها الجانب الاسرائيلي في مصر، ومماطلتهم في صب القواعد الاسمنتية الضرورية التي لابد منها قبل تركيب الماكينات بل ولا مبالاتهم بهذا الأمر رغم انهم مكلفون به.

٤- عندما يتحدث اليهود عن حياتهم مع العرب يتغافلون بشكل غير مفهوم تعاملهم مع المسيحيين العرب، اظن ان الكاتب تغافل هذا الجانب ماعدا ذكره لقصته والفنانات الاسرائيليات مع فنانة قبطية وزوجها. قد يكون الأمر بسبب قلة عددهم او حزازيات دينية او ربما السببين معا او ربما أيضا اسباب اخرى لا أعرفها.

٥- للأسف وجدت صعوبة في متابعة بعض الصفحات خاصة في الجزء الأخير من الكتاب، حيث تجد أن الجمل لا تتابع في تسلسل لغوي تسهل قراءته وكأنك تقرأ ترجمة آلية للنص الأصلي كترجمة موقع جوجل ترجمة المشهور، أنا كمترجم محترف لازمني هذا الشعور كثيرا أثناء قراءة تلك الصفحات.

٦- قصص الفلاحين البسطاء ورجال الدين المتفتحين ورجل الشارع العادي كما حكاها السفير موشيه ساسون تدل على طيبة الشعب المصري خاصة اولئك الذين لم يكونوا قد سمعوا عن اسرائيل بعد، مثل خادمة منزل السفير وغيرها، هذه النقطة توضح طيبة المصريين، كما توضح ذلك أيضا النقطة الأولى الخاصة بالحاج فؤاد والد المطرب سمير الاسكندراني.

٧- تعجبت جدا عندما عرفت بالقراءة الضمنية لما بين السطور أنه لا يجوز لليهود ركوب السيارات يوم السبت، أي انك ان اردت أن تذهب لمكان ما، لا يمكن أن يكون بالسيارة وإلا فستكون كاسرا لشريعة السبت، الغريب أن المؤلف لم يشرح هذا الأمر ظنا منه أن قارئه يعرفه، لكني عرفته استنباطا، تماما كما عرفت هوية سمير الاسكندراني ووالده استنباطا كما جاء في أول نقطة. الأمر الغريب الاخر انه عندما شرع الله في التوراة وصية السبت لم يكن هناك سيارات بالطبع، لا أقول ان فهمهم وتحديثهم للوصية صح او خطأ، لكني تعجبت لأنها معلومة جديدة بالنسبة لي.

٨- امتدادا للنقطة السابقة، فقد عرفت عدم جواز ركوب السيارات في السبت من خلال هذه القصة الانسانية العظيمة، والتي أود أن أحكي مختصرا لها لإعجابي بها:
عند جنازة السيد الرئيس الشهيد محمد أنور السادات أصر رئيس الوزراء الاسرائيلي أن يشيعه في جنازته رغم ما قد ظهر في النبرة المصرية للكوادر الصغيرة بعدم استحسان هذه الفكرة، لكن يبدو أن الرجل كان يقدر السادات فعلا، وكان حزينا لاستشهاده حقا، فلم يوقفه اقتراحات الجانب المصري بالاقتصار على تعزية السيدة الأولى جيهان السادات ونائب الرئيس محمد حسني مبارك، فأصر على السفر وتشييع جثمان الرئيس السادات، ففي تجهيز مكان لاستقباله طلب من السفير موشيه ساسون أن يجد له مكانا قريبا من مكان بدء التشييع وذلك لأنه لن يستطيع ركوب سيارة لأن يوم التشييع كان سبتا، ولأنه كان مريضا ولديه آلاما معينة في ركبتيه، فلم يكن يستطيع أن يمشي كثيرا في ذلك اليوم، فوجد الطرف المصري المختص فندق لكنه يبعد ساعتين سيرا على الأقدام من مكان بدء تشييع الجنازة، وكان هذا أقرب فندق، لم يعترض السيد مناحم بيجين، لكنه اقترح فكرة ذكية لتسهيل الأمر بعض الشيء وهي أن يصاحبهم أثناء مشيهم أتوبيس مكيف يسير بسرعة المشي لكي يرتاحوا فيه كل عشرة دقائق. توقفت كثيرا عند هذه الفكرة وما تخبئه بين كلماتها من انسانية السيد مناحم بيجين الذي لم يترك مرضه ليكون حائلا بينه وبين الواجب في تشييع جثمان صديقه الرئيس السادات، في نهاية الأمر بعد اتصال اخر من السفير موشيه ساسون تمكن الجانب المصري من ايجاد نادي قديم لم يستخدمه احد منذ بضع سنوات ويملأه التراب، فقاموا بتنظيفه وفرشه وتوصيل هاتف تليفون دولي للاتصال بالقدس في وقت قياسي جدا.

٩- كما يوجد معادين للسلام عندنا، يوجد عندهم أيضا صحافة متوحشة كما جاء على لسان الكاتب عندما تحدثت صحافة بلده عن زيارة السيد مناحم بيجين لتشييع الجنازة في مصر، وقالوا أن مصير الزيارة قتل رئيس الوزراء والوزراء المرافقين له، بدون أي اعتبار لقلق ذويهم عليهم بعد قراءة مقالاتهم. لكن هنا ايضا لا يختلف الامر كثيرا، فقد ذكر السفير موشيه ان الصحافة في مصر لا تذكر الحقيقة بل وتزيف التصريحات. اكتشف السفير موشيه ساسون أيضا ان هناك بعض من أعضاء النقابات المختلفة يؤيدون السلام والرئيس الشهيد انور السادات، لكن على مستوى النقابات نفسها فلا يوجد نقابة واحدة تؤيد التطبيع.

١٠- كنت أتمنى أن ينقلب حال الزراعة في مصر ليناظر الزراعة في اسرائيل، لترشيد استهلاك المياة وزيادة الانتاج، خاصة خلال ما نواجهه من تهديد مائي صريح بسبب سد النهضة الاثيوبي، فكما نعرف جميعا انه قد تم اختراع الري بالتقطير في احد الكيبوتزات الاسرائيلية، كان يجب ان نستمر في الاستفادة من الخبرات والتقنيات الاسرائيلية في الزراعة.. وان كنا قد استفدنا منها بالفعل بصورة ضيقة اليوم في بعض المناطق، فأنا كمزارع قديم لازلت أرى أننا نروي معظم أراضينا بطريقة الغمر وهذه مكلفة جدا في استهلاك المياة.