الاثنين، 24 فبراير 2020

الفصل الرابع من رواية الضيقة العظيمة، الجزء الثاني لرواية بعد الإختطاف

لقراءة الجزء الأول، رواية بعد الإختطاف إضغط هنا، أو يمكنك تحميلها كتطبيق أندرويد من هنا
لقراءة تمهيد رواية الضيقة العظيمة إضغط هنا
لقراءة الفصل الأول من رواية الضيقة العظيمة إضغط هنا
لقراءة الفصل الثاني من رواية الضيقة العظيمة إضغط هنا
لقراءة الفصل الثالث من رواية الضيقة العظيمة إضغط هنا


بعد كل ما حدث عقب تلك السرقة منذ ثلاث سنوات، أعددنا منزلنا وجهزناه جيدا ليصبح قادرا على مقاومة أي هجوم من الغرباء، وذلك بمساعدة إبناي وأعضاء آخرين من فريقنا.

لم يكن فريقنا قاصرا على الكبار فقط، ﻷنه كان بيننا أطفال أيضا، وبرغم كل شيء كان يحدث، أنشأنا منزلا خصيصا لهم، منزلا ضم بعض الأشياء التي أمكننا تصميمها لتصبح ألعابا لهم وما شابه من الأشياء التي إعتادوا عليها. مما جعلهم يحصلون على حياة كان يجب أن يحصلوا عليها وعلى أفضل منها أيضا، بما في ذلك الإلتحاق بالمدارس.

كنا حريصين جدا، فقد كان مكان إجتماعاتنا يقع في مكان عميق بالغابة، كان بمثابة مدينة داخل مدينة. لم نستخدمه فقط كمقر للإجتماعات، بل إستخدمه كثير من الأعضاء كمأوى لهم بدلا من المواجهة المستمرة لخطر الذهاب من وإلى بيوتهم في المدينة، خاصة أولئك اﻷعضاء الذين كان لديهم أطفال. أما بالنسبة للأعضاء الذين عاشوا في المدينة، تولت مجموعة أعضاء من الفريق جعل منازلهم قوية كفاية لتتحمل الكوارث البسيطة ولتحميهم من هجوم الغرباء قدر الإمكان، وهذا بالطبع حسب ما أتاحته لنا إمكانياتنا المحدودة.

وبرغم المقولات الشائعة بأن الغابة هي الأكثر خطرا أثناء الزلازل العديدة التي أصابتنا، فقد إختلفت معها، ﻷن البقاء هنا كان أمن من الخارج الذي من الممكن أن يقبض عليك فيه أو يحدث لك ما هو أسوأ. في الحقيقة، جعلت من مهامي أن أقنع أكبر كم ممكن من الأعضاء أن يعيشوا في الغابة بدلا من المدينة، مما جعلني أواجه سؤالا صعبا: كيف يمكن أن أنصح بهذا، وأنا وأسرتي كقادة للفريق لا نعيش بينهم في الغابة.

لكن السؤال الأهم بالنسبة لي كان: هل سنترك العالم للأشرار بدون نور معرفة المسيح؟ لم يمكننا ذلك، لذلك، أنا، ومارك، راندي وجاكسون قررنا أن نعيش في بيتنا. فبالبقاء هناك، كان ضمننا ثلاث رجال أقوياء يمكنهم حماية أنفسهم وحمايتي، مما منحنا الفرصة في ذات الوقت أن نحاول إنقاذ أرواح أكثر من فم الشيطان. فمازال هناك مؤمنين يعيشون هناك، ممن ندموا على حيواتهم السابقة بالإيمان بالرب مرة أخرى وتمنوا أن يعيدوا تواصلهم معه، لكنهم كانوا مختبئين ﻷنه إما أنهم تخطوا الثلاث أشهر سماح من الحكومة ولم يريدوا أن يموتوا أو أنهم لم يعرفوا أين يمكث الناس المؤمنين الذين يمرون بنفس ظروفهم. حاولنا أن نتواصل مع كثير من الناس، كانت المطويات والمنشورات هي وسيلتنا الوحيدة لفعل ذلك، ولحسن الحظ فإن مقدم برامج في محطة الراديو إنضم إلينا وكان يعرف كيف يمكن أن يهيىء محطات راديو بسيطة وقتما تتوافر الكهرباء، مما جعلنا نتوصل ﻷعضاء أكثر وأكثر.
***

"لوسي! لوسي!" سمعت شخصا ينادي بإسمي. "أين أنت؟!"

كان يوم الأحد حيث تجمع المؤمنون في الغابة شاعرين وكأنهم في منازلهم الخاصة وكنت أتحدث مع مارك حول نفاد المؤن التي نحتاجها والتي سنحتاج أن نحضرها من المدينة عندما سمعت أحدهم ينادي عليً عاليا.

اندفعت نحو مكان صدور الصوت، تُرى هل حدث شيء ما؟! لم أكن متأكدة حتى رأيت من يناديني. لقد كانت ديبي، واحدة من زملاء العمل في مطبخ المدرسة التي كنت أعمل بها قبل أن تؤول الأمور لما نحن فيه اﻵن بعد الإختطاف. لكنها هنا لم تكن مجرد زميلة عمل، بل كانت المسئولة الرئيسة عن إعداد الطعام، بصيغة أفضل كانت المسئولة عن أي شيء يمت بأي صلة بإدارة إحتياجاتنا من الطعام.

سألتها: "ما الأمر؟!"

"خرج الأطفال عن السيطرة. لا أظن أنهم يفهمون ما نمر به كلية،" صمتت لحظة وأكملت، "عندما وصلت هنا هذا الصباح رأيت هذا .." تزحزحت عن مكانها فرأيت ما كان جسمها يحجب.

تم تخريب حجرة الغداء التي بذل مارك وإثنان من الفريق قصارى جهدهم ليهيئوها بالشكل الممتاز التي كانت عليه من قبل. لم أستطع تخيل ما الذي حدث! كانت هذه الأوقات صعبة للغاية، ألم يفهموا هذا بعد؟!

كنت سأتحدث معهم، لأجعلهم يدركون عظم الخطأ الذي إقترفوه، كنت سأخبرهم ما كان سيقوله يسوع لهم في آذانهم بهذا الخصوص. لكني لم أفهم لماذا يفعلوا مثل هذا الشيء الفظيع. مؤكد أنه قبل الإختطاف، كان يمكنني أن أفهم السبب، فبعض الأطفال كانوا حمقى قليلا وكانوا على الدوام يريدون أن يدفعوا ببعض الأشياء التي أمامهم، وأن يحطموا البعض الآخر. لكن اﻵن؟ ألا يدركوا أننا نعيش في آخر الأزمنة؟!

لكني توصلت لإستنتاج أنهم ربما غير راضين بمستوى الطعام الذي نعطيهم إياه، والذي يعني أنه لا بد أن أهدئهم وأجبر بخواطرهم. ما الذي كان يسوع سيفعله إن كان بمكاني؟

كان عليً أنا وديبي أن نستدعي مارك وطاقمه لكي يصلحوا ما خربوه الأطفال.

بينما كان مارك ومساعدوه يقومون بالمطلوب، حمل لي راندي خبرا سيئا آخر. الفريق الذي أرسلناه لكي يحضر الطعام من المدينة جاء بخفي حنين بأيادِ شبه فارغة، كما أنه كان من الواضح أنهم تمت مهاجمتهم والتعدي عليهم. شرح توم كيف أنهم حصلوا من المول التجاري على كل شيء نحتاجه ووضعوه في حقائبهم، لكن عندما خرجوا من المول، قابلوا أفراد عصابة لم يتوقعوا مقابلتهم. لقد إنتظرهم أفراد عصابة "الطريق الوحيد" كما لو كانوا متربصين بهم ويعرفون أن جماعتنا ستكون هناك في ذلك الوقت. هاجموهم وضربوهم وكان توم متأكدا أنه سيموت من شدة الضرب لولا محاولة جيم الهروب في تلك اللحظة مما أدى إلى شد إنتباه العصابة إلى الرجل الهارب مما مكًن توم أنه يهرب هو اﻵخر أيضا، وكان قادرا بمشقة كبيرة على حمل حقيبة واحدة فقط من حقائب المؤن العديدة التي إشتروها.

تساءلت: "ماذا حدث للرجل الآخر الذي هرب؟"

قال توم أنه لا يعرف ولم يمكنه الإنتظار لكي يكتشف هذا الأمر. كل ما سمعه هو صرخات أفراد العصابة وأصوات الدراجات النارية الخاصة بهم. واضح أن أفراد عصابة "الطريق الوحيد" قرروا أن يتعقبوا جيم الرجل الذي شتت إنتباههم بدلا من التركيز على توم، مما جعل توم ينجح في الهروب.

صلينا لروح جيم، وصلينا أيضا من أجل سلامه مهما كان مكانه الحالي. كان جديدا على الفريق ولم يتح ﻷي شخص منا أن يتعرف عليه بصورة أكبر.

أما اﻵن، فالذي كنا قلقين من أجله حقا هو إيجاد مصدر بديل للطعام نشتري منه. كان إعتمادنا ينصب كليا على المول التجاري، كان لدينا هناك رجل يساعدنا بالداخل. حيث كان يعلمنا إن كان أفراد عصابة الطريق الوحيد هناك أم لا، لكننا لا نعرف ما الخطأ في هذه المرة، كيف حدث ذلك؟ كيف عرفوا أننا سنكون هناك؟

أجلنا التفكير في هذا السؤال لوقت لاحق، أما اﻵن فهو وقت قراءة الكتاب المقدس، وقررت أن أتحدث إلى الأطفال بعد ذلك بشأن ما فعلوه وبشأن الطعام الذي نقدمه لهم.

لكن فجأة، شعرت بذلك الإحساس، لقد توحشت أمي وتمنيت لو كان بإمكاني تجاذب أطراف الحديث معها. في تلك اللحظة، تمنيت أن أعرف أين هي اﻵن. هل هي في السماء؟

غمغمت بصوت منخفض "أفتقدك كثيرا يا أمي،" قبل أن أتوجه إلى مكاني في الحلقة الدراسية.

لقراءة الفصل الخامس من رواية الضيقة العظيمة، إضغط هنا
لقراءة الفصل السادس والأخير من رواية الضيقة العظيمة، إضغط هنا