الخميس، 16 مايو 2019

الوقوع في الأسر - الفصل السابع من رواية بعد الدينونة

يمكنكم تحميل الرواية كاملة كتطبيق أندرويد من هنا

لقراءة تمهيد ومقدمة الرواية، إضغط هنا
لقراءة الفصل الأول بعنوان "البداية" إصغط هنا
لقراءة الفصل الثاني بعنوان "السير عبر الظلام" إضغط هنا
لقراءة الفصل الثالث بعنوان "السير في النور" إضغط هنا
لقراءة الفصل الرابع بعنوان "الدينونة" اضغط هنا
لقراءة الفصل الخامس بعنوان "المؤمنون" اضغط هنا
لقراءة الفصل السادس بعنوان "وبدأت المصائب تحدث" اضغط هنا


إستيقظت ﻷجد نفسي مربوطة بكرسي في مكان مظلم. لم أكن مربوطة بالضبط بالمعنى الحقيقي للكلمة، لكني لم أكن قادرة على تحريك أطرافي. ومهما حاولت فلم أستطع تحريكهما قيد أنملة. كانت عيناي ورأسي هي الأشياء الوحيدة التي إستطعت تحريكها بعد جهد جهيد. فجأة، ظهر نور لامع من اللامكان وإكتشفت وجود زوجي مارك، غارقا في بحيرة من دمائه، بالكاد يستطيع التنفس. كان مرميا على الأرضية، غير مدرك لوجودي على مرمى بصره. كان هناك جرحا في جبهته، حيث كان الدم ينذف بإستمرار منه. لم يكن واعيا. أما الرجل الذي أصابه مارك بالبندقية، فكان راقدا هناك، ميتا.

كان المنظر مرعبا!

وعندما وجدت نفسي أتنفس بصعوبة، غير قادرة على إحتمال الخوف الذي يعصف برأسي، صرخت، آملة أن يسمعني شخص ما، أو حتى شيء ما ويأتي لينقذني. صرخت عاليا لدرجة أنني شعرت بألم في أحبالي الصوتية. لم يحدث شيء في البداية، لكني بدأت أشعر فيما بعد بألم شديد بظهري وكأن أحدهم يعذبني بسوط. حولت رأسي للخلف وللجوانب ببطء ووجدت هؤلاء الناس خلفي، يضربونني فعلا بذلك السوط الطويل الموجع في ظهري. في البداية، شعرت وكأني فقدت الإحساس به. ولسبب لا أعرفه كان لجسدي مناعة ضد الشعور بالألم الذي كانوا يقصدون إيقاعه بي. بعدئذِ، شعرت ببطء -مثل بطء طلوع شروق الشمس بعد الفجر- بألم شديد يضرب معظم أجزاء جسدي، حتى أنني شعرت وكأن الألم طال روحي أو على الأحرى طال ما تبقى منها. كان الألم غريبا، كان شديدا لدرجة أن الدموع لم ترض أن تنزل من قنواتي الدمعية بعينيً. وبسبب كل هذا البؤس، صرخت بأعلى ما أستطعت. لكن هذه الصرخة جعلت الأمور أسوأ، حيث إزداد الألم عليً بسبب قوة صرخاتي. وبعد شعوري بالإجهاد الشديد، ما كان لديً حيلة في أن أوقف الإغماءة القادمة من التغلب عليً! إعتقدت هذه المرة أنه الموت، لكن لم يكن الأمر كذلك.

لم أنس في السنوات اللاحقة زيارة هؤلاء الشياطين الذين إستمتعوا على حساب ألامنا الجسدية والمعنوية نحن المنسيين! لكن هل نحن منسيون فعلا؟ من جهة المنطق، هل تُرِكنا ﻷن العلي نسى أن يأخذنا؟ الحقيقة المؤلمة هي: لا. فقد قادنا عدم إيماننا ﻷن يتركنا الرب عندما جاء وإختطف كنيسته من المؤمنين به. وحقيقة أننا لم نؤمن حقا بأن يسوع مات من أجل خطايانا على الصليب، ﻷجل أن يُعاقب بدلا منا، تلك الحقيقة كانت السبب الرئيس في أننا قد تُرِكنا. وكنتيجة لذلك، تحولنا عن الرب بدلا من الإقتراب منه. كان من السهل لوم الرب على كل شيء كان يحدث لنا. خلال المرات القليلة التي كان حظنا فيها جيدا ولم نقع عرضة لسخط الشياطين وغضبهم، قص الناس حكايات عن أن كل هذا الذي يحدث ما هو إلا من الرب. كيف له -برغم رحمته اللانهائية- أن يتركنا نتعذب ونتعفن هنا. لكن في كل مرة، أخذتُ على عاتقي أن أجعلهم يفهمون أننا وضعنا نفسنا في هذا المأزق بأيدينا نحن. ولم يحدث لنا كل هذا بسبب أي شخص آخر إلا نحن. فنحن ببساطة جذبنا هذا المصير لنا بعد رفضنا أن نقوم بالأمر الصحيح، وهو أن ننصت لصوت الرب، والذي حذرنا في كل فرصة سنحت له. أردت أن أقول أن معظم هذه الأشياء لم تحدث لنا بسبب السيئات التي قمنا بها. لكنها حصلت لنا ﻷننا رفضنا الإتجاه نحو الرب! الرب الذي ما انفك عن أن يجذب إنتباهنا. أحيانا، كان يحدث هذا من خلال الأمور الصعبة والضيقات التي حدثت لنا وكنا نمر بها في حيواتنا. على أي حال، كم عدد الناس الذين إهتموا فعلا بالبحث عن الرب عندما شعروا أنهم يمكنهم القيام بكل شيء بأنفسهم؟ فعندما نملك المال بجانب تمتعنا بالصحة الجيدة، هل ممكن أن نهتم بالبحث عن الرب؟ ما فشلنا في إدراكه هو أنه لا أحد منا يستطيع أن يأخذ ولو نفسا واحدا لو لم يكن الرب يسوع متحكما وضابطا لكل شيء في الكون. الشيء الوحيد الذي يضمن الدخول بملكوته السماوي هو الإيمان به. فهو بمثابة محبته وعبادته لأجل ما فعله من أجلنا على الصليب، من خلال عذاباته وألاماته، وسفك دمائه ﻷجل أن يدفع ثمن خطايانا. الإيمان به هو الإيمان بموته، دفنه وقيامته بقوة الروح القدس.

صرخت فيهم قائلة: "إن لم تؤمنوا بالرب، فلا تلقوا باللوم عليه لما يحدث لكم"، وهذا موقف ليس جيد على الإطلاق الوقوف به، أبدا! الحقيقة هي أننا نحتاجه كل ثانية وسنحتاجه إلى الأبد. ﻷن للرب الأرض وملؤها، المسكونة وكل الساكنين فيها، بما فيهم كل واحد منا.

آمنوا به، أحبوه واعرفوه. أو تجاهلوه على مسئوليتكم الشخصية! فدخول ملكوت السموات ليس مرتبطا بالأعمال الصالحة أو بالمعايير الأخلاقية العالية، بل بالإيمان والمحبة.

مرات عديدة عندما تحدثت مع هؤلاء الناس، دائما ما كانوا يسألون سؤالا محددا لطالما فشلت في إيجاد إجابة له. لماذا بالضبط لم أقبل يسوع عندما كان يطرق باب قلبي بصبر وطول أناة؟ هل كانت شهوة جمع المال هي السبب؟ أو الملابس التي على الموضة؟ أو ربما كانت خبرتي المغلفة بالمتعة في خيانة زوجي هي السبب؟ ماذا كان ذلك الشيء الذي كنت خائفة جدا أن أتركه والذي تقريبا كلفني خسارة أبديتي؟ هل كان أصدقائي الغارقين في الدنيويات؟ أو إنني ببساطة لم أستطع أن أتقبل حقيقة الإنجيل وأعترف بالأشياء الخاطئة التي قمت بها؟ على أي حال، كان هناك إلها بالأعلى، أحبني وكان يستحق مني إهتماما أكثر بملايين المرات من الإهتمام الذي ركزته على الأمور الدنيوية التي أعطيتها أكثر من حقها هنا على الأرض. كان دوما يناديني، يستعطفني، آملا أن أنتبه لصوته وأتبعه لكني لم أفعل. كان إتباع مسار الحياة الأبدية - كما عرفته اﻵن - كان أسهل في السابق مما هو عليه اﻵن. كل ما كان يجب أن أفعله هو أن أقدم حياتي ليسوع، وأن أسلم كل شيء له، حتى يمكنه إرشادي في طريقه. لقد كان الأمر بهذه السهولة. لكنني لم أراه هكذا عندما كان هذا الأمر بالإمكان، كنت معمية جدا بشهوات هذا العالم الذي فشلت فيه كأم وكزوجة، واﻵن كنت أفشل في رحلتي للأبدية. كنت منجذبة أكثر من اللازم للعالم لدرجة أنني فشلت في أن أتوقف وأن أسأل نفسي: "لماذا خُلِقتُ؟" و "من أنا؟"

الرب يحبني. كان يحاول دائما وبكل طريقة ممكنة أن يحميني من هذا المصير. هو لم يطلب مني أن أكون خاصته لكي يحميني فقط، أرادني أن أكون له ﻷنه يحبني وأرادني أن أستمتع بوعوده التي أبرمها في كلمته. أرادني أن أثبت بجسد المسيح، هو رأس هذا الجسد في السموات.

لم يكن يريد أن أصاب بأي من هذه الحوادث. لكنني لم أهتم حقا بكلمته، بينما عشت حياتي على طريقتي الخاصة، وثملت في شهواتي حتى النخاع.

لقراءة الفصل الثامن واﻷخير بعنوان "هنا واﻵن" إضغط هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق