الجمعة، 25 مارس 2016

قرأت لك: مسافر الكنبة في إيران

 مقدمة عن إيران وبدايات سماعي بهذا الإسم:
في البداية، أحب أن أخبركم بالمرة الأولى -على ما أتذكر- التي علقت في ذهني فيها كلمة إيران، بالطبع كان لدي معرفة سابقة بإيران، ربما من الكتاب المقدس وتاريخ الشعب اليهودي القديم وسبيه  إلى تلك المنطقة، وأيضا كتب التاريخ التي درستها في مراحل التعليم المختلفة والتي ذكرت عنها شيئا ليس كبيرا، ربما درس أو بعض الفقرات. لكن أول ما علق بذهني فعلا هو مقال رسمي على الإنترنت من طرف الحكومة المصرية وقتها - غالبا وزارة الثقافة - وكان هذا قبل الثورة على فكرة! كان المقال يعرض إحصائية رسمية عن التدوين في إيران والعالم العربي، حيث كانت النتائج غير متوقعة بالمرة. كنت حينها مدون مبتديء، ربما في سنة 2010 أو 2011 وصدمت بسبب تلك الإحصائية، بإختصار كانت النتيجة وقتها عبارة عن 700 ألف مدون إيراني من أصل 70 مليون نسمة "عدد سكان دولة إيران" مقابل 300 ألف مدون عربي من أصل حوالي 240 مليون عربي! وكان المقال يدعو الشباب للإهتمام بالتدوين. من لحظتها لم أفوت مقال يقع تحت يدي ويتحدث عن إيران بدون قراءته. إلى أن وصلت لصفحة كتاب "مسافر الكنبة في إيران" في موقع الفيس بوك.

متابعتي لصفحة كتاب "مسافر الكنبة في إيران" في موقع الفيس بوك:
كانت مجرد متابعة، تمنيت أن أشتري الكتاب، لكن كان الأمر عزيزا علي ﻷنني كنت وقتها جندي بالقوات المسلحة المصرية، بالطبع لم يكن السبب أمنيا، وإن كان يحمل بعض من هذه الصفة، لكن كان يمكنني قراءة الكتاب في أجازاتي، المشكل إذن كان ماديا، فأنا لم اتعود على شراء كتب غالية الثمن في تلك الفترة من حياتي، ﻷنني كنت معتمدا إعتمادا كليا على راتبي كجندي في القوات المسلحة ولم أكن أطلب من أهلي أي مال. كنت أرى منشورات الصفحة وكنت أكتفي بمجرد الإعجاب بها، فأنا لا أعرف محتوى الكتاب مثلا حتى أقوم بمناقشته في التعليقات، حتى أتى اليوم المنشود.

شرائي نسخة إلكترونية من الكتاب:
نشرت كتبي الأول: إثنتى عشر قصة مصرية قصيرة والثاني: أنا إتغيرت .. ديوان شعر بالعامية المصرية في منصة للنشر الإلكتروني ظهرت حديثا وهي منصة كتبنا، فكرتها تقوم على السعر الموحد لجميع الكتب لكن هذا السعر مرحلي، فأول 25 تنزيل للكتاب مجانا، ثم من التنزيل رقم 26 إلى التنزيل رقم 100 ب5 جنيهات مصرية فقط، ثم التنزيلات فيما بعد ذلك تثبت سعرها عند العشر جنيهات مصرية فقط! لماذا أذكر كل هذه التفاصيل؟ ﻷن الكاتب الأستاذ عمرو بدوي قام مشكورا بتوفير كتابه على هذه المنصة وحمدت الله كثيرا على هذا، فسارعت بشراء الكتاب ب 5 جنيهات فقط! وقمت بقراءته في أوقات فراغي وفي أوقات راحتي بالعمل وأثناء المواصلات، عبر تطبيق موقع كتبنا على أندرويد وكم كنت مستمتعا في أوقات قراءتي له.

لماذا إشتريت هذا الكتاب؟
ذكرت أنني أحب أن أقرأ كل شيء عن إيران، لكن الذي لم أذكره حتى اﻵن هو عشقي لأدب الرحلات، وكم كان الكاتب متمكن جدا في سرد ما مر به من قصص وعرض الشخصيات الإيرانية التي قابلها، فالكاتب لم يعتمد على المبيت في الفنادق، لكن إعتمد طريقة مسافر الكنبة التي يقدمها موقع couch surfing وهو عبارة عن شبكة إجتماعية يشترك بها المسافر ليبحث عن مضيفين له أثناء رحلته إلى مدينة معينة والإلتزام الوحيد الذي يقدمه هؤلاء المضيفين مجرد كنبة لينام عليها المسافر، بالطبع يمكن تقديم أشياء أكثر "إنت وكرمك بقى!" فبالطبع يمكنك تشارك الحديث والغداء أو القهوة مع ضيفك. وأيضا يمكن للمضيف أن يسافر ويضيفه آخرون كما حدث لكاتب هذا الكتاب.

فلنتحدث إذن عن الكتاب:
قبل كل شيء يمكنك شراء الكتاب من هنا وهو مازال - أثناء كتابة هذه السطور - بسعر 5 جنيهات مصرية فقط. وجدت في الكتاب كم إيران عظيمة وكم شعبها عظيم، بغض النظر عن نظام الحكم هناك، فأنا أعلم منذ زمن أن الشعب هناك مثقف وقاريء، ليس كمثل شعوبنا العربية، والإحصائية في أول هذا المقال توضح هذا بالطبع، فلمن يكتب هذا العدد الكبير من المدونيين الإيرانيين؟ للشعب الإيراني بالطبع! معظم من قابلهم الكاتب كانوا يميلون إلى التحرر من القيود التي فرضها النظام هناك. وكثير منهم كان يرحب بإصلاحات الرئيس روحاني - وهو من التيار الإصلاحي المعارض أصلا - وهذه الإصلاحات تتمثل في عدم التأكيد على إتباع القيود المفروضة منذ زمن الثورة الإسلامية أو التساهل في تنفيذها، والتقارب مع الغرب عبر العديد من الإصلاحات الأخرى خاصة تلك المرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني. وضح الكتاب أن الشعب هناك ودود وصدوق كما عرفت مسبقا من إستطلاع مصور قامت به مجلة العربي، كل شيء يدل أن الأمور جيدة جدا في إيران ماعدا النظام هناك والذي يطمح الكل أن يكون أكثر تحررا. وضح الكاتب في غير مرة أن الإيرانيين لا يوافقوا على زواج المتعة إلا عند الضرورة، فهو حلال لديهم لكنه ليس بمستحب إلا في الحالات النادرة. حكى الكاتب أيضا عن بعض العلامات الفارقة في تاريخ إيران، وأخيرا فعل مثل كل الرحالة، قام بتصوير وتوثيق هذه الرحلة في صور إحترافية للأماكن الرائعة والبديعة التي قام بزيارتها أمثال: المساجد والميادين العامة والشوارع والكنائس.

المسيحيون في إيران:
يوجد في إيران الكثير من الأقليات سواء الأقليات الدينية أو العرقية، الدينية مثل المسيحيين "معظمهم أرمن" والزرادشتيين، والعرقية مثل الأكراد والأرمن والعرب الذين يمثل عددهم 10 مليون نسمة! أما عن المسيحيون "وباقي الأقليات" ليسوا مضطهدين كما تصدر لنا بعض القنوات العربية، فقط يعاملون معاملة الشيعة هناك بكل ما تحمل الجملة من معنى، بمعنى أنه لابد للمرأة المسيحية مثل أن تغطي شعرها مثلها مثل المسلمة، وهم يعيشون في أمان، ماذا إذن عن عملية إعدام القس الإيراني التي ذكرت في هذا الكتاب والتي ذكرت كثيرا في المواقع الإجتماعية والميديا العربية؟ هو متنصر، بالطبع هذا ليس مبرر كافي، لكن يحدث مثل هذا في بلادنا العربية على أي حال. لكن المسيحيون أنفسهم ليسوا بمضطهدين هناك أو هذا ما فهمته من قراءاتي عن إيران حتى اﻵن. في الحقيقة يمكننا إعتبار أن المسيحيين مضطهدون هناك فقط في حالة إن إعتبرنا أن الشعب الإيراني كله مضطهد!

التكنولوجيا والفن في إيران:
تطرق الكاتب إلى عدد رسامي الكاريكاتير الإيرانيين وشهرتهم العالمية وقارنهم بالموجودين في مصر، وكانت النتيجة في صالح إيران طبعا "للأسف"، كما تطرق أيضا إلى السينما الإيرانية والتحديات التي تواجهها. كنت قد سمعت فيلما وثائقيا على القناة المسيحية sat 7 يشرح تضييق الحكومة هناك الخناق على متابعة القنوات الفضائية وإزالة أطباق إلتقاط إشارات قنوات الأقمار الصناعية، يبدو أن الفيلم قديم، أو أن الرئيس روحاني منع هذا الشيء، فالكاتب كلما زار منزلا إيرانيا وجد الناس هناك تشغل إما أغاني عربية أو قنوات عربية "كنوع من الترحيب به" أو قناة BBC فارسي حتى أن المؤلف ذكر أن قناة BBC فارسي هي الأكثر مشاهدة ضمن قنوات الأخبار ﻷنها الأكثر حيادية، مما يدل إنهم تخطوا مرحلة منع القنوات الفضائية. فقط مازالت الحكومة هناك تحجب موقع الفيس بوك، لكن يبدو أن هذا ليس عائقا يذكر فكثير من الإيرانيين لديهم حساب على هذا الموقع بمساعدة برامج فك الحجب، تقريبا الشخص الوحيد الذي قابله الكاتب ولم يكن قد أنشأ حسابا على الفيس بوك، هو ابن ضابط شرطة، ولم يرد كسر القانون لتجنب هذه النوعية من المشاكل نظرا لحساسية مركز والده الوظيفي.

الدين في إيران:
لا أعتقد أن الأشخاص الذين قابلهم الكاتب وبات في بيوتهم هم عينة تفصح عن كل المجتمع الإيراني، وإلا لكان هذا المجتمع غير متدين على الإطلاق، فمعظم من قابلهم متحررون، حتى أن كثير منهم ملحد! قد يفسر هذا الأمر أنه قابلهم أولا على موقع إلكتروني الفئة الأساسية فيه تعشق السفر والترحال وأعتقد أن هذه الفئة أو معظمها لابد وأن يكون ذا عقلية متحررة، والدليل أن معظمهم بنات، وقبلوا برؤية والتحادث مع شاب غريب، وربما مقابلته منفردين في حجرات نومهم، فهذا يدل فعلا على التحرر خصوصا في مدينة شيراز، الأمر إختلف في مدينة يازد حيث أن الناس وملابس الفتيات هناك أقل تحررا. ففي مدينة شيراز وأصفهان وجد الكاتب أن غطاء الشعر لا يغطي كل الشعر، بل القليل منه لدى معظم الفتيات. دليل آخر على تحرر مدينة شيراز هو أن الكاتب قام بخلع ملابسه لكي ترسمه بعض الفتيات بعد طلبهم، بالطبع فعل الكاتب هذا على إستحياء، وهذا قد يدل على أن شيراز أكثر تحررا من القاهرة مثلا!

وإلى اللقاء في الجزء الثاني من الكتاب
نعم، فما قمت بقراءته والإستمتاع به لم يكن إلا الجزء الأول، وكلي شوق ولهفة في إنتظار الجزء الثاني إن شاء الله.  

ملحوظة:
لست بارعا جدا في عرض الكتب، لكني أحببت عرض هذا الكتاب في مدونتي ﻷنه أعجبني فعلا ومؤكد سيعجبكم أيضا. كما أن هذا المقال ليس دعوة للتشيع "وأنا مال أمي، أنا مسيحي أصلا!" لكن أحب أن أحيي الكاتب على شجاعته ورمي كل التحذيرات التي قيلت له بعرض الحائط. وأخيرا أحب أن أقول ربما أقوم أنا أيضا بزيارة إيران مستقبلا، لكن أعتقد أنني أحب أن أقوم بزيارة الدول التي لي فيها أصدقاء أولا مثل أسبانيا والتشيك.

هناك تعليقان (2):

  1. ههههههه أعجبني آخر جملة هذا المقال ليس دعوة للتشيع "وأنا مال أمي، أنا مسيحي أصلا!"

    عرض جميل ورائع الف شكر ، شجعتني على قراءة الكتاب

    ردحذف
    الردود
    1. ههههه مرحبا بك أخي محمد، الأروع مرورك الطيب..

      إن شاء الله تكون إنتهيت من قراءته خاصة وأن تعليقك قديم منذ سنة وشهرين اﻵن، أتمنى أن تخبرني رأيك فيه إن كنت إنتهيت من قراءته ..

      حذف