الاثنين، 17 يونيو 2019

هل يجب أن تصدق كل ما هو على الإنترنت؟

بعد أن غصت في عالم الإنترنت بعد دخولي إليه، وتقريبا منذ 5 سنوات أو أكثر، بدأت أعرف طرق خلفية كثيرة في الإنترنت لإشهار منتج ما، أو إشهار قضية ما، كان لدي مدونتي هذه، وصفحة في الفيسبوك تضم بضع مئات قليلة من المعجبين، وساعتها بدأت أبحث باللغتين العربية والإنجليزية عن كيفية تزويد قراء مدونتي وتزويد أعداد المعجبين بصفحتي على الفيس بوك.

بالنسبة للمدونة، فلم يكن من بد إلا الإشتغال عليها أكثر وذلك بإضافة المواضيع المهمة والجاذبة للقراء يوما فيوما، وهذا لا غبار عليه، مع أن هناك بعض الفنيات التي لا يفهمها إلا القليلون في جذب محركات البحث لمدونتك أو موقعك، وشيء يدعى مسك الكلمات المفتاحية، وهذا كله يندرج ضمن شيء يسمى سيو أو SEO وهو إختصارا ل Search Engine Optimization وهو ما يترجم بالعربية إلى تحسين الظهور في محركات البحث، وهي تتضمن قواعد تضعها شركة جوجل لتزيد فرصة ظهور موقعك عندما يبحث المستخدم عن كلمة أو جملة لها علاقة  بموقعك.

أنا وتقريبا كل الناس الذين أعرفهم وتعمقوا في بحور الإنترنت نعتبر أن هذا الأمر أخلاقي، رغم أنه سيكلفك الكثير من المال أكثر من الطرق الخلفية التي سنحكي عنها بعد قليل، لكن في مقابل الأموال التي ستنفقها على هذا البند ومختصيه، ستجد مردودا على المدى البعيد أفضل من مردود الطرق اللا أخلاقية والتي قد تختفي أثارها الجيدة بعد مدى قصير من تنفيذها.

السطور أعلاه شرحت بشكل مبسط جدا طريقة من الطرق الأخلاقية لإشهار المدونة، توجد طرق أخرى مثل وضع إعلانات في منتديات أو صفحات فيسبوك كبيرة لها علاقة بمنتجك أو موقعك أو مدونتك. لكن هناك طرق خلفية لإشهار المدونة لدى محركات البحث، وذلك عن طريق زيارارت لمستخدمين وهميين للمدونة يتم بها رفع ترتيب الموقع أو المدونة عالميا، سوف نشرح هذا وغيره في السطور اللاحقة..

دعنا إذن نعرف شيئا عن الأبواب الخلفية والطرق اللا أخلاقية للإشهار على الإنترنت.

قرأت عن هذه الطرق أولا بالإنجليزية، رغم أني كنت أراها دوما بالعربية ولم أكن أفهم ما هذا..
كنت ومازلت أعمل كفريلانسر "مبرمج ومترجم حر عبر الانترنت أي مستقل" وكنت أرى في المواقع التي أعمل عليها من يقدمون خدمات مثل 5000 إعجاب في فيسبوك على صفحتك ب5 دوﻻرات فقط، أو 500 تعليق على فيديو لك باليوتيوب ب10 دوﻻر فقط، أو 200 ريتويت لتغريدتك على تويتر ب5 دوﻻرات أو 100 زيارة لمدونتك ب5 دوﻻرات فقط، كنت أظن أن مقدمي هذه الخدمات يقومون بالترويج لصفحتك على الفيسبوك أو تغريدتك على تويتر، أو الفيديو الخاص بك على يوتيوب، أو لمدونتك ليقوم مستخدمين آخرين ظهر أمامهم هذا الإعلان أو الترويج بإرادتهم الحرة بمشاهدة الفيديو على اليوتيوب مثلا، ومن  ثم التعليق عليه أو الإعجاب به أو كليهما.

لم يكن الأمر منطقيا في رأسي، ولم أتقبله، كنت أقول في نفسي أن مبلغ 5 أو 10 أو حتى 50 دوﻻر قليل على الجهد المبذول في إستقطاب أراء وتفاعلات المستخدمين المطلوبة مثل 200 ريتويت أو 500 تعليق أو 5000 إعجاب أو 100 زيارة للموقع. إلى أن قرأت مقالا بالإنجليزية أفهمني الأمر برمته!

كان المقال يتحدث عن كيفية زيادة متابعيك على الفيس بوك، تويتر أو يوتيوب أو باقي شبكات التواصل الإجتماعي بقليل من المجهود، وذلك بإختصار شديد بواسطة مواقع معينة لتبادل الإعجابات والتعليقات والريتويتات وهكذا، كلما تضغط على إعجاب أو ريتويت أو متابعة، تأخذ نقاطا، تضاف إلى حسابك بذلك الموقع، يمكنك إستخدامها فيما بعد لشراء إعجابات ومتابعات وريتويتات وهلم جرى..

الطريقة أعلاه تجعلك لا تحب أن تضحي بحسابك الحقيقي في الفيسبوك أو تويتر أو غيره، سواء إن إكتشف القائمين على هذه المواقع أمرك، ومن ثم حظر حسابك، أو بأنك قد تقوم بالتفاعل على أشياء لا تؤمن بها، وقد لا تعرف عنها شيئا في الأساس، لذلك يقوم مستخدم هذه الموقع في الغالب بإنشاء حسابات وهمية على شبكات التواصل الإجتماعية، وذلك لإستخدامها في التفاعل على موقع تبادل الإعجابات ذلك، وربح نقاط بها ليستخدمها فيما بعد في شراء إعجابات أخرى لصفحته أو لصفحات من قد يدفع له في عالم الإنترنت الواسع.

في هذا العالم الواسع، الذي دخلته لتجربته، تجد العديد من الأفكار لزيادة ربحك لتلك النقاط، مثل:
  1. إنشاء أكثر من حساب وهمي في شبكة التواصل الواحدة وذلك لجني أكبر رقم ممكن من النقاط.
  2. إستخدام برمجيات معينة لجعل الأمر أتوماتيكيا، ليصل بك الأمر في النهاية لربح ربما أكثر من خمسة اﻵف نقطة في اليوم الواحد وهو رقم كبير حقا، مع الوضع  في الإعتبار أن الإعجاب بصفحة فيسبوك مثلا في الغالب تساوي نقطة واحدة فقط لا غير.
  3. قد تضطر لشراء النقاط بالمال، وهذا مصدر ربح هذه المواقع الحقيقي، قد يبيعون لك 1000 نقطة ب2 دوﻻر مثلا، في الغالب إن حسبتها، ستجد أن ال1000 نقطة هذه قد تكسب منها حوالي 10 دولارات أو على الأقل قد تحل أزمة مزمنة لديك في نقص النقاط لشراء إعجابات لعميل حالي وليس لديك نقاط كافية.
  4. رأيت مرة شخصا ما يطلب من أشخاص متفرغين الضغط 5 آلاف ضغطة يوميا ب 5 دوﻻرات فقط!!!! أين يمكن أن يكون هذا الشخص يستخدم هذه الضغطات الكثيرة جدا إلا في مواقع تبادل الإعجابات؟ يبدو أن هذا الشخص لم يتوفر بعد على طريقة برمجية تتيح له جني كل هذه النقاط فإضطر لتأجير متفرغين يائسين لكسب أول 5 دوﻻرات لهم في عالم الإنترنت "دوﻻرات إستفتاح"!
  5. وكثير من الأفكار الأخرى التي لم أهتم بها بعدما عرفت أن الأمر برمته غير أخلاقي بالمرة.

صاحب المقال نفسه إعترف أن الطريقة لا أخلاقية، لكنه علل إستخدامه لهذا الأمر بأن عدد المعجبين  الوهميين الكبير مثلا على فيسبوك يجذب عدد آخر ليس بالقليل من المستخدمين الحقيقيين الذين عندما يرون أن الصفحة مليونية مثلا، لا يترددون في الإعجاب بتلك الصفحة، رغم أن كلامه صحيح بعض الشيء إلا أني مازلت أعتبر أن الأمر غير أخلاقي.

في المواقع التي كنت أعمل بها، كان أكثر الأعضاء أو الفريلانسرز مبيعا هم مقدمي تلك الخدمات، مما جعل بعضهم يجني مئات بل قل أﻵف الدولارات شهريا، مما جعلني أنقم في قرارة نفسي من تلك الخدمات ومن الكذب الذي تتضمنه ومن الكذب الموجود في الإنترنت بشكل عام.

هذا كله ذكرني بالمقولة العبقرية التي شاركتها مرة في صفحتي الشخصية على فيسبوك والتي تقول:
كيف تريدني أن أصدق كتب التاريخ والحاضر يتم تزويره بكل صفاقة أمام عيني؟!
 هذا على مستوى أرقام المعجبين أو المتابعين ﻷي حساب على شبكات التواصل الإجتماعي، وبالمثل على مستوى المعلقين على فيديو في يوتيوب أو تطبيق في متجر جوجل، أو حتى على منتج في مواقع عادية عربية المنشأ مثل سوق وغيره.

في بداية عملي الحر على الإنترنت، قمت بتأدية خدمة شبيهة لكن أخلاقية والحمد لله، كان كتاب كثير الصفحات بالإنجليزية، لرحالة أسترالي زار كمبوديا وبلاد أخرى، قرأت الكتاب كاملا وكتبت تقييم جميل وموضوعي في موقع أمازون، ثمن نسختي الإلكترونية من الكتاب كان على صاحب الكتاب لست أنا. يبدو أن تقديمي لهذه الخدمة جذب لي المسوقين بالجملة، فطلب مني الكثيرون تعليقات على صفحات كتب بأمازون أمدوني بها (أي بالتعليقات) لكني رفضت رفضا باتا، وطلبت منهم أن أقرأ الكتاب أولا، وأكتب تجربتي معه، وطلبت منهم بالطبع زيادة السعر، ﻷنهم كانوا يعرضون رقما ضيئلا جدا لكل كتاب، ربما ربع دوﻻر أو نصف للكتاب الواحد، بالطبع هم رفضوا، وأنا رفضت التعامل معهم.

إذن فالتقييمات على المنتجات من كتب وتطبيقات وغيرها قد تكون تقييمات وهمية أيضا..

لماذا كتبت هذا المقال بعد كل هذه المدة الطويلة؟
كنت ومازلت أبحث عن طريقة لإشهار تطبيقي أجازاتي على متجر جوجل، وبالصدفة وجدت أحدهم يطلب إشهار تطبيقه على ذات المتجر، ويطلب 200 تقييم 5 نجوم ب5 دوﻻرات، هو مبلغ ضئيل حقا، وموفر إلى أبعد مدى لصاحب التطبيق مقارنة بالطرق الأخلاقية في الإشهار من إعلانات وخلافه. لكن أين سيجد إحترامه لنفسه بعد هذه الفعلة النكراء؟

شهيرة وهيثم في مسلسل كلبش

جاء في إحدى الحلقات المتأخرة بمسلسل كلبش 3 برمضان الفائت، شرح مبسط لما حكيته أعلاه، كان هيثم المختص بشبكات التواصل الإجتماعي لدى "شرير المسلسل" أكرم صفوان يشرح لشهيرة، المذيعة الوطنية كيف أنه بضغطة زر واحدة من هاتفه الجوال يمكنه أن يجعل 22 ألف حسابا على موقع الفيسبوك يتحدثون عن شي معين أو قضية معينة، وكيف أنه بمساعدة بعض الموظفين معه، الذين يدير كل واحد منهم عدد شبيه من الحسابات أن يقلبوا مصر كلها في خلال ساعات، وأن يجعلوا ما يريد صاحب عملهم "أكرم بيه" أن يصبح على كل لسان في مصر فعلا على كل لسان في مصر.

بنفس الطريقة كان ومازالت تعمل اللجان الإلكترونية لكثير من الجهات المعنية بالسياسة والإقتصاد في مصر والدول العربية، بل وفي العالم بأكمله. كل هذا جعلني لا أثق بمعظم الأشياء على الإنترنت، وجعلني أضع في رأسي مبدأ ثابتا وهو: "كل خبر كاذب حتى يثبت العكس"!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق