الأحد، 3 أبريل 2011

فأر فى السيارة - قصة قصيرة




كان صديقنا اليوم فى المدينة ، ذهب الى موقف الميكروباص كى يرجع لبلدته أو قريته الصغيرة الهادئة التى تقع فى أواسط الصعيد ، ركب الميكروباص الذى سرعان ما امتلأ عن آخره ، فطفق يتحرك .
بعدما دفع صاحبنا الأجرة مباشرة ، أحس بشىء ملاصق لقدمه يتحرك ، يلعب ، يأكل ، يقرمط ، انه فأر !!!
بعد لحظة استبعد صاحبنا كون هذا الشىء فأر ، فلم يسمع قط عن فأر يوجد بالسيارات ، لكنه بعد لحظة أخرى قال : كل شىء جائز !!!
ولم ينتهى من تفكيره بعد ، الا ووجد الفأر ملاصقا لقدميه والمصيبة أنه يلعب و يلحس ، أو أى شىء آخر، وفى كل مرة تتحرك فيها  العربة ( سواء تناقصيا أو تزايديا ) كان الفأر يتحرك معها حسبما يتفق .
لم يكن صديقنا يخف من الفئران خوفا هستيريا ، لكنه على كل حال كان يخاف منهم .
وهنا تذكر صديقه وجاره ، وزميله فى الدراسة الذى كان مريضا بفوبيا الفئران ، تذكر مرة عندما سمع فى نصف الليل فى أحد الأيام صرخة مدوية جدا ، أحس ساعتها أنها ستغطى 2 كيلومتر مربع على أقل تقدير ، هرع كى يرى ماذا حدث ، وجد زميله يصرخ بسبب رؤيته لفأر متوسط الحجم ، كانت فى هذا الوقت امتحانات الثانوية العامة قد بدأت ، وكلا منهما سهران للمذاكرة ، فلما سمع صديقنا صرخة صديقه المدوية ، طلب منه أن يأتى ليذاكر معه بعيدا عن الفئران ووجع القلب ده ، وربما لأن الطريقة الوحيدة لفعل ذلك هو أن يتحرك صديقه من مكانه ، وربما أيضا بسبب تحركه سيتحرك الفأر من مخبئه بعشة الطيور ، لذلك قال الصديق لصديقنا : لن أتحرك ، اما أن تأتى أنت ، أو تنسى الموضوع من الأساس .
ذهب صديقنا لصديقه كى يؤنس وحدته ، أو كى يشجع عيناه على القراءة ودماغه على المذاكرة وينسيه حكاية هذا الفأر اللعين المتوحش .
صديقنا كما قلت سابقا ، لم تكن لديه فوبيا من الفئران ، لكنه كان يخاف منهم على أى حال ، أو أنه كان يتقززمن مناظرهم ، أو حتى مجرد أنه كان يخاف من ملامستهم لجلده ولحمه أو حتى ملابسه ، لذا فمنذ أن رفع رجليه هو وصديقه عن الأرضية على المنضدة التى هى للمذاكرة فى الأصل ، لم يخفضها ثانية الا بعد أن أتى الفجر ، وانزاحت غمة الفأر الذى فر من النور !!! وهكذا فعل صديقه أيضا بالطبع !!
فى العربة أفاق صديقنا من شروده على حركة الفأر الذى يمرح مع حذائه ، فى الحقيقة صديقنا كان خائفا من شيئ محدد لا أكثر :  أن يقتحم الفأر الحذاء ، ومن ثم يقتحم الجورب سهل الأقتحام ، ومن ثم ياتى الدور على قدمه العزيزة والتى ليس لها قطع غيار فى السوق !!!
كرامته ، وصورته وبرستيجه أمام الناس يمنعونه من الاتيان بأى حركة أو بأى صرخة قد - و هذا هو المؤكد - تبدو حمقاء ، فآثر العافية ولزم الصمت ، طالبا من الله عز وجل أن يسرع السائق ، ويصل هو - صديقنا - الى بيته بسرعة ، سليما هو وقدمه ، لكن لا بأس ببعض الثقوب بالحذاء والجورب .
يا رب لا تجعل هذا الفأر ينال من قدمى ، يا رب لا تجعل هذا الفأر ينال من قدمى ، يا رب لا تجعل هذا الفأر ينال من قدمى ............. وهكذا دواليك .
فى هذه اللحظة كان الفأر ملاصقا  لقدم صديقنا جدا ، وكان كلما يبعد صديقنا قدمه عن هذا الفأر اللعين ، كلما كان الفأر يقترب أكثر وأكثر ، شوية تانى هيدخل فى الشراب ، أو يمكن هيزرع نفسه جوة رجله ، ياللمصيبة .
قال صديقنا فى سره للفأر: ان كنت رجل تعال بعيد عن العربة ، وسأريك مقامك ، هكذا قال صديقنا للفأر !!!
خيل اليه فى هذه اللحظة أن الفأر يرد عليه فائلا : يا غبى ، لن أتى معك ، أنا فأر لست رجلا ، أنا  لست مثلك أنت : فأنت انسان حقير جبان ورعديد .
يا ابن الكلب ، طب خد دى على دماغ أمك !!!!
أى ، سمع ركاب العربة أجمعهم هذه ال (  أى / آهة ) وسرعان ما ألتفتوا الى مصدرها ، فوجدوه طالبا مهذبا محترما لابسا نظارة حفظ أو نظر ، لكن وجهه الأسمر نوعا ما كان يميل الى الحمرة - من شدة الخجل - فى هذه الوقت .
لقد ضربت ساقى بدلا منك يا كلب يا ابن الكلب ، يا فقر ( فأر ) يا ابن الفقر ( الفأر) !!! وبعد مرور بضع دقائق : -
الحمد لله ، أخيرا سأنزل من هذه العربة المشئومة ، وعلا صوته الخافت قائلا بفرحة كمن فاز بالنجاة من الجحيم : على جنب هنا يا أسطى لو سمحت .
ربما لم يسمع السائق الصوت الوردى للعاشق الولهان ( صديقنا الحبيب ) فى هذه اللحظات المباركة المفرحة الرومانسية جدا جدا ، فلم يقف . بس هنا يا أسطى بس ( قالها صديقنا بصوت عال ) ، فرمل السائق فرملة حادة وقال : ما كنت تقول كده من الصبح .
عند هذه الفرملة الحادة  كان من الطبيعى جدا أن يتحرك الفأر للأمام كأى شىء آخر موضوع فى عربة تتحرك بسرعة وفجأة تفرمل ، حسب قانون القصور الذاتى الذى يعرفه صاحبنا عز المعرفة بصفته طالب علم .
يخرب بيت أمك ، مطلعتش فار ؟؟!!! ههههههههههه ههههههههههههه هههههههههه ههههههههههه
نزل صديقنا من العربة فى حالة هستيرية من الضحك ، حتى أن باقى الركاب أعتقدوه مجنونا فى حالة جنون هستيرية ، وبعد أن نزل من العربة قال : طلع قزازة مية فاضية ، مش فار ، قزازة مية فاضية ، مش فار .
قال أحد الركاب : الله يكون فى عون والديه !!! لو كان هذا هو ولدى ، لم أكن لأتحمله حتى مجرد دقيقة واحدة !!!

مع تحياتى : المحب لكم دائما / محب روفائيل .

هناك 5 تعليقات:

  1. ازيك يا محب
    آسف على التأخير نظراً للإنشغال
    بالطبع تدوينة ممتازة وتحمل إسقاطات كثيرة, وأكاد أكون قد فهمت الرمزية التي بها, فعلاً في أحياناً كثيرة نخاف من أشياء لن تقع أبداً
    تحياتي

    ردحذف
  2. أهلا ، مصباح الورد يا حسن .

    كلمة قبل الرد : آسف بخصوص القالب القديم ، اصلى فيه ناس قالتلى مش عارفين نكتب تعليق وحاجات تانى كده ، انا عارف أو بالأحرى لو كنت مكانك مكنتش هحس احساس جيد على اى حال .

    العفو ، أقدر مسئولياتك .

    شكرا على الاطراء والرأى المشجع .

    وفعلا أنا قصدى زى اللى فهمته كده .

    بس فيه ناس قالتلى ان اخراجها الفنى مكانش كويس ، هل ده صحيح أم لا ؟

    شكرا على الزيارة ، تحياتى .

    ردحذف
  3. بالعكس القصة جميلة ورائعة وخلي بالك يا اخي الفاضل الأدب أولاً وأخيراً يجب أن يكون ممتع بالمقام الأول ولعل الذين قالوا لك أن الإخراج الفني غير جيد كانوا يريدون منك أن تبني القصة على الرمزية وهذا خطأ كبير في عالم الأدب, لأن تفصيل القصة أو الرواية أو القصيدة على رأي محدد غير محبب, على الأديب أن يكتب شيء مفيد وممتع وإن جاء به شيء من رمزية أو غيره يكون قابل لتفسيرات كثيرة من قبل القراء وليس من الكاتب, فمثلاً مقالك هذا يحمل إسقاطات كثيرة على أشياء عديدة في المجتمع, ممكن أفسره أنا حسب وجهة نظري وأقولك الإسقاط الذي فيه يشير إلى (الخوف من الفكر السلفي) مثلاً, وغيري يقول لك لا بل يشير إلى الخوف من الفقر, وهكذا وهذه هي المتعة في الادب, أن يستوعب وجهات نظر عديدة.

    ملحوظة: أنا لا أجامل وربنا يعلم ولو لم تكن كتاباتك جيدة لكنت وضحت لك ذلك, استمر ...
    تحياتي

    ردحذف
  4. بخصوص تغيير القالب, والله مزعلتش خالص, لأني أعلم أن المدونة بالمقام الأول ملك صاحبها وله الحرية في أن يراها بالشكل الذي يريد, والقالب الحالي بصراحة جيد وخاصة فيما يتعلق بفونت التدوينة لكن السابق أفضل من حيث الألوان والتنسيق,

    بخصوص المشكلة في التعليق قد لاحظتها في القالب القبل السابق وكنت أعتقد أنها من عندي, وعلى فكرة مازلت موجودة ففي بعض الأحيان حينما أكتب تعليق طويل وعند الإرسال تخرج لي رسالة خطأ وتمحو كل الذي كتبته, حتى أني عندما أكتب تعليق لك أكتبه وأعمل نسخ حتى أستطيع لصقه مرة أخرى إذا واجهتني هذه المشكلة مرة أخرى, وقد حدثت بالفعل في التعليق السابق (ولا أدري ما سبب هذه المشكلة)
    تحياتي

    ردحذف
  5. دايما بتطمنى يا حبيبى ، ربنا يخليك

    بخصوص رأيك ، فأنا عارف أنك لا تجامل ، لكن فى نفس الوقت بحس من وبعد كلامك برفع معنوياتى :)

    بخصوص الخوف من ، فأنا بصراحة مكنتش فى دماغى كلمة من ، أقصد أنه خوف وخلاص ، يعنى جميع أنواع الخوف ، احنا كبشر من ساعة ما أبوانا الأولين عصيا الله والخوف ابتدى تدريجيا يدخل العالم ، وده اللى أنا كنت بتكلم عنه ، وطبعا ليس ببعيد على الاطلاق عما فهمته أو عما قلت أن غيرك ممكن يفهمه كده .

    بصراحة مفيش ولا قالب عاجبنى ، بس بعد الامتحانات ان شاء الله هذاكر لغة الهتمل مع نفسى وهعمل واحد على مزاجى ، حتى لو طلع وحش هستحمله ، أصله مننا وعلينا :)

    أنا عارف أنك ذو عقل كبير لا تنظر لمثل هذه الاشياء ، على فكرة التعليق عندى فى كومبيوترى مع كل المدونات بيبقى كده ، وبيعمل أخطاء كتير لأن النت عندى بطىء ، يمكن ده السبب عندك برضه عندك .

    شكرا جزيلا على تنوير المدونة .

    ردحذف